لأني كنت طفلة وحيدة كنت أهوى القراءة من الصغر .. لم تبخل أمي عليا بالكتب أو بمال أشتري به مجلة أو كتاب كان أصدقائي يطلقون علىا اسما غريبا .. دودة الورق كانوا يقولون اني أقرأ اكثر مما أأكل
مع الوقت التحقت بكلية الأداب و درست انواعا غير مألوفة من النصوص مثل النصوص السومرية و الفنيقية و الأشورية القديمة و الأرامية و السريانية بعضها لم يكن في لغته الأصليه بالطبع لاندثار اللغة و لكن البعض الأخر في صورته النصية الأصلية
مما درست بعض ملاحم و أساطير بعض الشعوب الشرقية مثل ملحمة جلجامش الباحث عن الخلود المختفي في غموض دون أن نعرف هل حصل على الخلود يوما أم واجه مصير البشر المحتوم و مات مثل الأخرين
قرأ جلجامش كتب السحر و دخل الغابات المحرمة و مشى فوق المياة المسحورة و طرق بوابات العالم الأخر سعيا وراء هدفه
الى ان اختفى جلجامش باثا برسالة مبهمة مثل الأحاجي و الفوازير هل يمكن ان نصل للخلود؟
انا لم أبحث عن الخلود و لا أبغيه .. أعلم أن الموت قادم لا محالة ربما اليوم قبل الغد اتذكره كل يوم بمروري على المقابر او بكثرة حوادث الطرق في طريقي للعمل ذهابا و إيابا
لم أطرق أبوابا فقط كنت أدعو الله في لحظات الكرب فليس لي إلا سواه بأن يرزقني و يسترني و يحسن خاتمتي
تمنيت أن ألقاه و أنا راضية عن نفسي و هو راضي عني ربما لأخفف عذاب يوم شديد عني
طرق جلجامش بوابات الخلود و طرقت أنا بابا واحدا ... لا أعلم ان الباب قد فتح لجلجامش أم لا
لكن اعلم انا ما حدث مع الباب الذي طرقته في وحشة ليل الحياة
يمكن أن تتطرق باب أحدهم كعابر سبيل في أسفارك الطويلة تطلب كسرة خبز أو شربة ماء .. ربما يعطيك الأخرون مما لديهم كنوع من الصدقة و لكني لم أطلب هذا و لا ذاك
طلبت شئ من الراحة من السفر الطويل في الصحراء القاحلة طلبت شيئا من نبضات قلب دافئ استمد منها دفء قلبي المتعب من قسوة الحياة طلبت أن اغمض جفني للحظات لعل جسدي يرتاح قليلا
كان الرد رقيقا قاسيا ... أمثالك لا يصلح معهم هذا .. على ظهرك حمل ثقيل و مسئولية كبيرة
أمامك أمران .. ان تتخلى عن ما فوق ظهرك أو ترحلي من هنا لتواصلى طريقك دون نسمة هواء او شربة ماء او شعلة دفء و نور
هانذا أمضي وحيدة مرة ثانية أنظر لأحمال و أثقال ظهري بحسرة لا اجروء أن انزلها الأن في وسط الطريق يجب علي أن أكمل بها لمحطتها الأخيرة القريبة ... يجب عليا أن أصل الأمانة إلى مكانها
يا حمل ظهري .. يا من حملتك وحدي على مر السنين سأكمل مسيرتي بك وحدي دون شربة ماء أو دفء في ليالي البرد إلى أن تصل لدنياك و بعدها ساذهب أنا كما الأفيال لمقبرتي وحدي .. اجلس حده بانتظار يومي .. هكذا هو قدري كما كتب ربي
الشيطان يطرق أبواب عقلي و يتراقص أمامي ... كوني مثل الأخرين أنهلي من الحياة و عسلها و لو من الأبواب الخلفية الكل يفعل هذا فلما لا تفعلين ؟ حتى اللواتي في راحة ونعيم يفعلن و يخدعن لا تكوني غبية
ستأخذين ما تريدين و تسندي قلبك الحزين بلقيمات صغيرة من طبق هذا و ذاك
هكذا هي الحياة ... تسرقنا و نسرقها ... يسرقني احدهم و أسرقه أنا بدوري لم يعد مكان لما تؤمنين به الا في حكايات اجدادك
هل اطيعك يا اساطير جدتي ام اجري وراء أراء سيد العصر ؟ أخبرني يا جلجامش